سورة القمر - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القمر)


        


{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ} يعني أكفاركم خير من كفار من تقدم من الأمم الذين أهلكوا بكفرهم.
{أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي الزُّبُرِ} يعني في الكتب السالفة براءة من الله تعالى أنكم ليس تهلكون كما أهلكوا، ومنه قول الشاعر:
وترى منها رسوماً قد عفت *** مثل خط اللام في وحي الزبر
{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ} يعني بالعدد والعدة، وقد كان من هلك قبلهم أكثر عدداً وأقوى يداً، ويحتمل انتصارهم وجهين:
أحدهما: لأنفسهم بالظهور.
الثاني: لآلهتهم بالعبادة.
فرد الله عليهم فقال: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيْوَلُّونَ الدُّبُرَ} يعني كفار قريش وذلك يوم بدر، وهذه معجزة أوعدهم الله بها فحققها، وفي ذلك يقول حسان:
ولقد وليتم الدبر لنا *** حين سال الموت من رأس الجبل
{بَلِ الْسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ} يعني القيامة.

{وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن موقف الساعة أدهى وأمر من موقف الدنيا في الحرب التي تولون فيها الدبر.
الثاني: أن عذاب الساعة أدهى وأمر من عذاب السيف في الدنيا.

وفي قوله {أدْهَى} وجهان:
أحدهما: أخبث.
الثاني: أعظم.

{وَأَمَرُّ} فيه وجهان:
أحدهما: معناه أشد لأن المرارة أشد الطعوم.
الثاني: معناه أنفذ، مأخوذ من نفوذ المرارة فيما خالطته.


{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} روى إسماعيل بن زياد عن محمد بن عباد عن أبي هريرة أن مشركي قريش أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر، فنزلت.
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} فيه وجهان:
أحدهما: على قدر ما أردنا من غير زيادة ولا نقصان، قاله ابن بحر.
الثاني: بحكم سابق وقضاء محتوم، ومنه قول الراجز:
وقدر المقدر الأقدارا. ***
{وَمَآ أَمْرُنْآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بَالْبَصَرِ} يعني أن ما أردناه من شيء أمرنا به مرة واحدة ولم نحتج فيه إلى ثانية، فيكون ذلك الشيء مع أمرنا به كلمح البصر في سرعته من غير إبطاء ولا تأخير.

{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ} فيه وجهان:
أحدهما: أن المستطر المكتوب، قاله الحسن وعكرمة وابن زيد، لأنه مسطور.
الثاني: أنه المحفوظ، قاله قتادة.

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن النهر أنهار الماء، والخمر، والعسل، واللبن، قاله ابن جريج.
الثاني: أن النهر الضياء والنور، ومنه النهار، قاله محمد بن إسحاق، ومنه قول الراجز:
لولا الثريدان هلكنا بالضمر *** ثريد ليل وثريد بالنهر
الثالث: أنه سعة العيش وكثرة النعيم، ومنه اسم نهر الماء، قاله قطرب.

{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِند مَلِيكٍ مّقْتَدِرِ} فيه وجهان:
أحدهما: مقعد حق لا لغو فيه ولا تأثيم.
الثاني: مقعد صدق لله وعد أولياءه به، والمليك والملك واحد، وهو الله كما قال ابن الزبعري:
يا رسول المليك إن لساني *** راتق ما فتقت إذا أنابوا
ويحتمل ثالثاً: أن المليك مستحق الملك، والملك القائم بالملك والمقتدر بمعنى القادر.
ويحتمل وصف نفسه بالاقتدار ها هنا وجهين:
أحدهما: لتعظيم شأن من عنده من المتقين لأنهم عند المقتدر أعظم قدراً، وأعلى مجزاً.
الثاني: ليعلموا أنه قادر على حفظ ما أنعم به عليهم ودوامه لهم، والله أعلم.

1 | 2 | 3